الأحد، 8 مارس 2009

الآثار النفسية للعنف في وسائل الإعلام على الإطفال والمراهقين

الآثار النفسية للعنف في وسائل الإعلام على الإطفال والمراهقيننشر في الاثنين ١١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦إن دراسة الآثار النفسية للعنف لهي من الصعوبة بمكان بصورة عامة وفي عالمنا العربي بصورة خاصة. ولقلة الأبحاث والدراسات في البلدان العربية لجأنا إلى مراجعة وتتبع هذه الآثار في دراسات وأبحاث عالمية إيمانا منا بأن الإنسان هو الإنسان أينما كان وهو ابن بيئته يتأثر بها ويؤثر فيها. إن الأبحاث المتعلقة بالعنف في وسائل الإعلام غالبا ما يساء فهمها من قبل المجتمعات بصورة عامة. وسبب ذلك هو ما يتعلق بطريقة البحث المتبعة وذلك بسبب صعوبة إخضاع عينة عشوائية من الأطفال في سنواتهم الأولى لمتابعة آثار العنف في وسائل الإعلام المختلفة عليهم بعد 15 سنة مثلا كي نلاحظ فيما إذا قام أحدهم بأي نوع من أعمال العنف. وتنسحب نفس المحددات على البحث الطبي أيضا؛ فمثلا لا يستطيع باحث عن آثار التدخين إخضاع مجموعات من الناس عشوائيا بحيث يجعلهم يدخنون كميات وأنواع مختلفة من السجائر لمدة 15 سنة ومن ثم يتقصى عن عدد الأفراد الذين أصيبوا بالسرطان. إن الباحثين في آثار التدخين والمدخنين الذين يقومون بأبحاث تجريبة ينظرون من خلالها إلى عدد الأفراد الذين دخنوا أثناء حياتهم ومن ثم يرصدون النسبة التي أصيبت بالسرطان.وهم يسيطرون إحصائيا على عوامل أخرى- سلوكات صحية وأخرى غير صحية التي تقلل أو تزيد من حالة الإصابة بالسرطان. ومن ثم يستطيعون اكتشاف فيما إذا ساهم التدخين في الإصابة بالسرطان أم لا. ولأنهم لا يستطيعون إجراء دراسات تجريبية عن السرطان على الناس مباشرة فهم يلجأون إلى إجراء التجارب على الحيوانات. وبالمثل فالباحثون في العنف في وسائل الإعلام يقومون بدراسات طويلة الأمد التي تعنى بتعرض الأطفال لوسائل الإعلام وينظرون إلى أنواع السلوك التي يكتسبونها مع مرور الوقت. وكذلك أيضا ينظرون إلى عوامل أخرى مثل السلوك العدواني السابق ومشاكل العائلة وما شابه ذلك. فهم لا ينظرون إلى العنف في وسائل الإعلام في فراغ. يتثبتون فيما إذا كان هناك علاقة بين مشاهدة التلفاز مثلا والسلوك العنيف وكذلك ينظرون إلى التأثيرات الجانبية الأخرى. وكذلك يقومون بتجارب كالتجارب على الحيوانات من أجل السرطان وهذه ليست مواقف طبيعية ولكن مثل هذه التجارب تملأ الفجوات التي لا يستطيعون ملأها بطرق أخرى. هذه التجارب تصمم لتظهر الآثار قصيرة المدى مثل زيادة العدوانية أو نزعات أكثر قبولا للعنف – تغييرات نعرف أنها تزيد من احتمال ارتكاب أعمال عنف على المدى القصير أو المدى الطويل.والسبب الآخر في سوء فهم العمل المتعلق بعنف وسائل الإعلام هو أن معظم الأحاديث والنقاشات العامة تركز على عنف الجريمة وتتجاهل النتائج غير الصحية التي تؤثر على الأطفال. وفي محاولة لإيضاح القضية، سأحاول أولا أن أناقش ما توصل إليه البحث العلمي عن بعض النتائج الرئيسة لتعرض الأطفال لعنف وسائل الإعلام مع توضيح الاتجاهات العامة في المعلومات لدراسات معينة تجعل النتائح أكثر شمولية. ومن ثم سأناقش بعض الفوائد لهذه الخلاصات للآباء والمربين وللمجتمع بصورة عامة.تأثير العنف في وسائل الإعلام على العدوانية والتخفيف من الحساسية والعدوانية الشخصية إن معطم الباحثين وجمهور الناس يركزونا على السؤال الهام وهو هل مشاهدة العنف في وسائل الإعلام تجعل الأطفال والمراهقين أكثر عنفا؟ إن السؤال ليس هو فيما إذا كان العنف في وسائل الإعلاما يسبب العنف ولكن هو فيما إذا كانت مشاهدة العننف تساهم في احتمال أن يرتكب أحد ما العنف أو تزيد من حدة العنف عند ارتكابه. إن أكثر الطرق وأوضحها التي تساهم، من خلال مشاهدة العنف، في السلوك العنيف هي التقليد أو التعلم الاجتماعي. هناك حصيلة كبيرة من الدراسات النفسية التي تظهر أن تعلم الصغار يتم من خلال التقليد والمحاكاة. وبالطبع أيضا أن معظم الآباء يعرفون أن الأطفال يقلدون مفردات التلفاز ومشاهده في سن مبكرة. ولكن أصحاب وسائل الإعلام والعاملين عليها، مع أنهم لا يستطيعون إنكار أن التقليد يحدث في بعض الأحيان، يدعون أن الآثار قليلة وغير مهمة لأن الأطفال يدركون أن التقليد مؤذ لهم. وكلنا يعرف أن الحوادث التي ارتكب فيها عنف وجرائم مميتة تشبه كثيرا مشاهد من أفلام سينمائية أو برامج متلفزة. ولكن من المعروف أيضا أن أي جريمة هي نتيجة لعدة مؤثرات وعوامل تتضافر معا. ولأن معظم الأطفال غارقون في ثقافة الإعلام، من الصعب ربط برنامح معين بناتج عنف معين حتى وإن وجد بعض الشبه بين مشاهد وسائل الإعلام وتصرفات لاحقة تشبه تلك البرامج وتعتبر بالتالي مصادفة. تتوفر للباحثين، بين الحين والآخر، فرصة القيام "بتجربة طبيعية" تنظر في موقف وموضع نشطين. فلنأخذ على ذلك مثلا، عندما دخل الاتحاد العالمي للمصارعة في برامج التلفزة. لقد لوحظ في التقارير الإخبارية أن هذا البرنامج "المصارعة" قد أدى إلى أزمات حيث نتج بعض الإصابات في ملاعب بعص المدارس.. لقد وجد أن أكثر المدراء أن نوعية المصارعة التي يقوم بها المتصارعون خلقت مشاكل في المدارس. لم يكن هناك إشكال عند المدراء في التفريق بين سلوك التقليد الذي بدأوا بمشاهدته فجأة من أنواع السلوك التي حصلت قبل وصول برامح المصارعة. فأنواع السلوك التي ظهرت أثناء إجراء مباريات المصارعة التي تم بثها في التلفاز والتي تضمنت ضرب الرأس ورمي المتصارعين بعضهما البعض على الأرض والقفر على بعضها البعض وضرب الأعين وشد الشعر والضرب في المناطق الحساسة في الجسم، أدت إلى ضرورة وجود الإسعافات الأولية في المدارس لإسعاف إصابات مثل الكسور وفقدان الوعي والجروح التي تطلبت الذهاب إلى غرفة الطوارئ أو عناية طبية مباشرة. مع أن معطم الأطفال الذين كانوا طرفا في مثل هذه السلوكات كانوا كبارا ليميزوا بأن المصارعة التي كانوا يشاهدونها هي مزيفة غير حقيقية ولكن مثل هذه المعلومة لم تثن العديد منهم عن محاولة التقليد. ورغم ذلك نرى أن مثل هذه البرامج لا تزال تبث في التلفاز دونما إحساس بالمسؤولية تجاه الأطفال وسلوكهم الحالي والمستقيلي. وفي هذا الإطار ننادي كتربويين وباحثين إلى تخفيض عدد مرات ظهور مثل هذه البرامج وعلى وزارات التربية والتعليم أن تقوم بإعداد برامج تثقيفية عن مثل هذه البرامج المتلفزة وغيرها لمجابهة آثارها على الأطفال وسلوكهم. وببساطة إن مجرد تقليد ما يشاهد في وسائل الإعلام هو وسيلة واحدة فقط من مشاهدة العنف التي تساهم في نتائج سيئة لدى الشباب. وهناك عملية نفسية أخرى شائعة بين الباحثين والدارسين هي تخفيض الحساسية (الإثارة غير الهادفة). وتحدث هذه العملية عندما ننفعل في موقف لا يتطلب الإنفعال الكبير الذي لا يمت بصلة لمثل هذا الموقف. فمثلا إن معظم الناس ينفعلون عندما يرون أفعى متجهة نحوهم. إن الاستجابة الفيزيولوجية التي يمرون بها هي ما يطلق عليه "أهرب أو اصمد" وهو عبارة عن رد فعل طبيعي عند الإنسان في مواجهة أي خطر أو أمر طارئ. ولكن الشخص الذي يقضي وقتا طويلا مع أفعى غير سامة يعلم أنه لا حاجة للهرب أو مهاجمة الأفعى ومع الوقت يتكيف الجسم مع البيئة فلا حاجة عند ذلك لازدياد ضربات القلب أو ارتفاع ضغط الدم أو أي تغيرات عضوية أخرى نتيحة الخوف من الأفعى. وبنفس المنظور، إن التعرض لعنف برامج الإعلام وخاصة التي تقدم أعمال عدوانية شديدة أو مشاهد الإصابات المؤلمة تسبب في البداية رد فعل انفعالي شديد لدى المشاهدين. ومع مرور الوقت ومع التكرار في مضمون التسلية والاستراحة، الكثير من المشاهدين يظهرون تناقصا في الانفعال وفي ردود الفعل لمشاهد العنف والإصابات. لقد وثقت الدراسات أن ردود الفعل الانفعالية غير الهادفة تؤدي إلى خفض في الاضطراب الانفعالي ودرجة الاستثارة أثناء مشاهدة العنف. والمزعج في الموضوع، أن الدراسات أظهرت أن التقليل من الإحساس يؤدي إلى أن الأطفال ينتظرون أكثر فأكثر ليستدعوا الكبار للتدخل لمشاهدة المناظر التي يشاهدونها. إن لدى شباب اليوم فرصا أكبر في الإحساس بعنف وسائل الإعلام أكثر من ذي قبل إذ لديهم في هذه الأيام المئات بل الآلاف من القنوات الفضائية والآلاف من أفلام السينما والفيديو وألعاب الفيديو ويستطيعون مشاهدة كل هذه الأشياء فرادى في غرفهم ومع غيرهم من الأصدقاء والأصحاب. ومن الآثار الشائعة نتيجة مشاهدة العنف هي زيادة في المشاعر العدائية. يعتقد بعض الافراد أن العلاقة المتينة والمحتمة بين العدواة المستحكمة ومشاهدة العنف تظهر ببساطة أن الناس الذين يتصفون بالعدوانية أكثر ميلا إلى اختيار العنف كوسيلة ترفيه. وهذا حقيقي في معظمه أي أن الذين يتصفون بالعدوانية هم أكثر اجتذابا إلى مشاهدة العنف من غيرهم. ولكن البحث العلمي يظهر أن العلاقة هي في اتجاهين. ففي الدراسة الميدانية التي أنجزت سنة 1992 تفسر هذه العملية بوضوح. لقد ذهب باحثون في كيوبيك إلى دور السينما وسألوا المرتادين لها بأن يملأوا استطلاعا عن العدوانية قبل مشاهدة فيلم اختاروه أو بعد مشاهدته. أظهرت النتائج أن المشاهدين من كلا الجنسين -الذكور والإناث- الذين اختاروا فيلما عنيفا كانوا في البداية أكثر عدوانية من الذين اختاروا فيلما عاديا لا عنف فيه. وهذا يظهر أن الأشخاص الذين كانوا عدوانيين من قبل كانوا أكثر ميلا لفيلم عنف من فيلم لا عنف فيه. بل وأكثر من ذلك، إن مستويات المشاهدين العدوانية كانت أعلى حتى بعد مشاهدة فيلم العنف. ومرة أخرى تفند الدراسة بعض الأفكار الشائعة التي تقول بأن مشاهدة العنف تساعد على التخلص من زيادة العدوانية بل على العكس من ذلك. ما هي عواقب هذه العدوانية المتزايدة بعد مشاهدة العنف؟ غالبا ما تتدخل هذه العدوانية في القدرة على التفاعل البيني الشخصي. ومن مظاهر هذا التأثير اصطلح عليه "الانحراف العدواني المتزايد". لقد قامت دراسة سنة 1998 بتفسير هذه النتيجة عبر تجربة أجرتها على أولاد وبنات من سن (9-11) حيث تم الطلب منهم اللعب بألعاب فيديو (لعبة أو لعبتين): أحدهما رياضية غير عنيفة والأخرى كانت نسخة من المورتال كومبات 2 لعبة فنون عنيفة جدا. وبعد اللعب تمت قراءة خمس قصص للأطفال تتضمن حوادث مستفزة حيث كان القصد منها غامضا. على سبيل المثال، في إحدى القصص، يتم ضرب طفل من الخلف بكرة ولكن لا يعرف الشخص الذي قذف الكرة، من نفس جنس المشارك الباحث ، عن عمد أو مصادفة. وعند الإجابة على الأسئلة بعد سماع القصص، أظهر الأطفال الذين لعبوا لعبة الفيديو العنيفة مشاعر سلبية تجاه الذي قذف الكرة أكثر من أولئك الذين لعبوا لعبة الفيديو غير العنيفة وقالوا بأنهم يردون على ذلك بأنفسهم إذا كانوا في نفس الموقف. وهذه الزيادة في العدوانية أو التشاحن ليست بالضرورة قصيرة الأمد. فتجربة سنة 1999 نظرت إلى النتائج الشخصية الداخلية لتكرار أعمال العنف في الأفلام. طلب الباحثون ، عشوائيا، من كلا الجنسين ذكورا وإناثا من طلاب الجامعة مشاهدة أفلام تشتمل على عنف وأفلام خالية من العنف لمدة أربعة أيام متتالية. وفي اليوم الخامس وضع المشاركون في موقف إما لمساعدة أو لإعاقة حظوظ شخص آخر في الحصول على وظيفة في المستقبل. وأشارت النتائج المفاجئة إلى أن كليهما: الذكور والإناث الذين تلقوا الجرعة اليومية من الأفلام العنيفة كانوا أكثر رغبة في إضعاف حظوظ ذلك الشخص في الحصول على الوظيفة بغض النظر عن معاملته لهم سواء كانت جيدة أو مهينة. فمشاهدة العنف المتكرر يزود المشاهد بوضوح ما يطلق عليه الباحثون" الإطار العقلي لاستمرار العدوانية والتشاحن" الذي يدمر التفاعلات الحيادية وكذلك تلك المرتبطة بالاستفزاز. وهذه مجرد بعض الدراسات التي تفسر بعض النتائج غير الصحية السيئة للعنف في وسائل الإعلام. ولكن ماذا تشكل هذه الدراسات ومدى مصداقية تعميمها؟ ومع أن الإعلاميين المتحدثين باسم وسائل الإعلام يخالفون هذه النتائج على أنها غير ثابتة وغير مستقرة، إلا أن التحليل الفكري والعميق الذي يجمع نتائج كل هذه الدراسات لكل موضوع معين تظهر غير ذلك. لقد جمع هذا التحليل نتائج 217 دراسة تجريبية ظهرت ما بين سنة 1957 و 1990 واشتملت على دراسات منشورة وغير منشورة أقرت العلاقة بين مشاهدة العنف وبين العديد من أنواع السلوك الإجرامي. وباستخدام معامل التلازم كمقياس للعلاقة كان المعامل كما وجده أحد الباحثين .31 . ومع أن حجم التلازم مختلف بالاعتماد على عمر المشارك والبرنامج المشاهد، هناك ارتباط هام لوحظ عند المشاهدين من كل الأعمار وكل البرامج. وكذلك وجد تحليل معمق لدراسات ظهرت ما بين 1956 و2000 أن معامل العلاقة بين التعرض لعنف وسائل الإعلام والسلوك العدواني ..20 وبمقارنة هذه النتائج بنتائج التحليل الإحصائي نجد أن العلاقة بين عنف وسائل الإعلام والسلوك العدواني علاقة طردية غالبا ما يحاول المبررون لوسائل الإعلام التخفيف منها ويدعون بأن التأثيرات بسيطة جدا. آثار عنف وسائل الإعلام على الخوف والقلق واضطرابات النوم على الرغم من أن جلّ انتباه الباحثين تركز على كيفية تأثير العنف في وسائل الإعلام على السلوك الشخصي للأطفال والمراهقين، هناك دليل متنام على أن مشاهدة العنف يولد الخوف والقلق الشديدين عند المشاهدين الصغار. على سبيل المثال، في دراسة مسحية 1998 شملت أكثر من 2000 طالب في الصف الثالث إلى الصف الثامن في ولاية أوهايو الأمريكية كشفت أنه كلما زاد عدد ساعات مشاهدة التلفاز زادت أعراض المشاكل النفسية مثل القلق والاكتئاب والإجهاد الذي يعقب الصدمات النفسية posttraumatic stress . وبالمثل في دراسة 1999 شملت آباء أكثر من 500 طفل في مدارس الروضة إلى الصف الرابع في ولاية رود آيلاند الأمريكية كشفت أن كمية مشاهدة الأطفال في غرف النوم الخاصة بهم متلازمة بشكل كبير مع تكرار اضطرابات النوم. وفعلا أن 9% من الآباء المستطلعين قالوا بأن أطفالهم عانوا من كوابيس على الأقل مرة في الأسبوع نتيجة مشاهدة التلفاز.وأخيرا ورد في بحث قومي عشوائي على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1999 أن 62% من آباء أطفال تتراوح أعمارهم ما بين الثانية والسابعة عشرة قالوا بأن أطفالهم عانوا من الخوف الشديد بسبب شيء شاهدوه من خلال برنامج تلفزيوني أو من خلال فيلم سينمائي. ومن خلال دراستين مستقلتين تثبت أن وجود واستمرار ذكريات نشطة وحية من الخوف والرعب تتركها مشاهد العنف في وسائل الإعلام بأنه كوني وظاهرة عامة بين الأطفال في جميع أنحاء العالم. وجد أن 52% من الطلاب الذين استطلعت آراؤهم حول الرعب والخوف في جامعتي ويسكنسن وميتشيغانعانوا من اضطرابات في الأكل والنوم، و22% منهم عانوا من بقاء المشاهد العنفية في مخيلتهم، و35% عانوا من خوف شديد للمواقف التي شاهدوها في البرامح أو الأفلام بعد حين. وأن أكثر من ربع الطلاب المستطلعة آراؤهم قالوا بأن آثار البرنامج والفيلم الذي شوهد مند 6 سنوات بالمعدل ما زال في مخيلتهم إلى وقت سؤالهم عنه. ودراسات كهذه والعديد من التقارير الوصفية تكشف أنه ليس من المستغرب الاستنكاف عن السباحة في المحيط بعد رؤية فيليم الفك المفترس – وفي الحقيقة أنه من المفاجئ أن عددا من الأفراد قالوا بأنهم تركوا السباحة تماما بعد مشاهدة ذلك الفيلم. وأن هناك عدد كبيرمن الأفراد يعزون خوفهم ، من حيوانات معينة مثل الكلاب والقطط والحشرات، إلى تعرضهم في الطفولة لشخصيات في الرسوم المتحركة مثل أليس في بلاد العجائب والجميلة والوحش أو إلى أفلام العنف. والمرعج في الأمر أن مثل هذه الآثار يمكنها أن تؤدي إلى أمراض جسدية وتؤثر على الدراسة ونشاطات عادية أخرى وخاصة عندما تعرقل النوم لفترات طويلة من الوقت. وفي الجزء الأكبر، ما يرعب الأطفال في وسائل الإعلام يتعلق بالعنف أو التهديد المدرك للعنف أو الأذى، من المهم ملاحظته هو أن آباء العشر سنوات من العمر يجدون أنه من الصعب التنبؤ بردود فعل الرعب عند أطفالهم للتلفاز والأفلام لأن مستوى النمو المعرفي عند الطفل يؤثر على كيفية إدراكه أو إدراكها وعلى الاستجابة للحوافز الإعلامية. قام عدد من الباحثين بدراسة لاكتشاف الاختلافات التطورية أو النمائية في استخلاص ردود الفعل الرعب والخوف الإعلامية المرتكزة على نظريات واستنتاجات التطور المعرفي. أظهرت الدراسة أن بعض الصور الإعلامية والأحداث تصبح أقل إزعاجا للأطفال، وهم في مرحلة النضج المعرفي، بينما تصبح أشياء آخرى أكثر إزعاجا. وكتعميم أولي، إن أهمية الظهور تقل كلما تقدم الطفل في العمر. فالدراسات التجريبية والاستطلاعية تدعم وتؤيد الاستنتاج العام الذي يقول بأن أطفال مرحلة الحضانة والروضة (3-5 سنوات) هم أكثر احتمالا للرعب والخوف من أشياء تبدو مخيفة ومرعبة وغير مؤذية أكثر من أشياء تبدو جذابة ولكنها مؤذية. والتعميم الآخر هو أنه كلما نضج الأطفال أصبحوا أكثر انزعاجا من الواقعية وأقل استجابة للأخطار المتخيلة المعروصة في وسائل الإعلام. وهذا التغير ناتج عن الاتجاهات التطورية في فهم الأطفال للتمييز بين الواقع والخيال. وبسبب هذا فإن أطفال المرحلة الابتدائية يصبحون عرضة للخوف الناتج عن الأخبار والبرامج الواقعية الأخرى. واستنتاج آخر عام هو أنه كلما كبر الأطفال يخافون من مشاهد تتعلق بمفاهيم مجردة أو أكثر تجريدا مثل مشاكل العالم والمخاطر البيئية غير المنظورة.ما الذي يجب فعله ولماذا يكون ذلك صعبا جدا؟ إن البحث الذي وصفناه يزودنا بأدلة دامغة على أن النمو والحياة بالسماح غير المقيد لمشاهدة العنف في وسائل الأعلام على أقل تقدير، ليس صحيا أبدا للصغار. ولكن العنف في وسائل الإعلام يدخل بيوتنا تلقائيا من خلال أجهزة التلفاز ويسوق بفاعلية إلى الأطفال والمراهقين رغم تصنيف المحتوى على أنه للكبار فقط. وأكثر من ذلك، إنه من الصعب جدا نشر الرسالة بأن العنف في وسائل الإعلام مؤذ. وهناك عنصر هام لهذه الصعوبة وهو أن التسلية والترفيه العنيف هو عمل مغر وأن صناعة الترفيه تمتنع عن توصيل معلومات تقترح أن إنتاجها مؤذ وضار. وهناك تحليل هام يقارن الدلائل العلمية المتراكمة بالوسائل التي تقدم القضية للآباء في الصحافة والإعلام، كشفت أنه كلما أصبحت الدلائل عن تأثير ترويج العنف في وسائل الإعلام أقوى استنتجت التغطية الإخبارية أن العلاقة كانت أضعف وأضعف. يحتاج الآباء إلى أن يتلقوا معلومات أفضل حول الآثار المترتبة على العنف في وسائل الإعلام وكذلك يحتاجون إلى وسائل ملائمة وأكثر صدقية لفهم ما يجب توقعه من برامج التلفاز والأفلام أو ألعاب الفيديو. يحتاج الآباء أيضا إلى استراتيجيات التربية الصحيحة التي تساعدهم على مجابهة بعض الأثار السلبية للعنف في وسائل الإعلام على الأطفال.إن الأبحاث في مجال التطور المعرفي، على سبيل المثال، قد اكتشفت وسائل فعالة لإعادة الأمان إلى الأطفال الذين عانوا من الخوف والرعب نتيجة تعرضهم للعنف من وسائل الإعلام. إن استراتيجيات التأقلم مع الخوف الناجم عن وسائل الإعلام تحتاج إلى تصميم مناسب لعمر الطفل. ثبت أن استراتيجيات التأقلم الصامت هي الأفضل للأطفال حتى سن السابعة. وهذه تتضمن سحب الأطفال من المواقف المخيفة أو المرعبة، وإلهاؤهم، والاهتمام بهم عاطفيا، وتفريغ إحساساتهم. أما من سن الثامنة فما فوق فيمكن أن يستفيدوا من سماع تفسيرات منطقية لماذا هم في أمان. فإذا كان ما شاهدوه هو من ضرب التخيل والخيال، يساعد الأطفال في هذه المجموعة العمرية أن يتم تذكيرهم بأن ما شاهدوه لا يمكن حدوثه. وإذا كان البرنامح يعرض أحداثا مرعبة يمكن حدوثها أو حصولها يمكن أن يقدم للأطفال الكبار معلومات حول ما شاهدوه أنه لا يمكن حدوثها لهم أو يتم إعطاؤهم إرشادات أو تعليمات تحصنهم وتمكنهم من مواجهتها ومنعها من الحدوث أو الحصول. وبالنسبة لخفض تأثير العنف المروج للعدوانية ، لقد بدأت الأبحاث لتوها لاكتشاف استراتيجيات الوساطة التي يمكن أن يستخدمها الآباء والمدرسون. وفي دراسة نشرت سنة 2000، تم اختبار وسائل مجابهة آثار الرسوم المتحركة الكلاسيكية. أظهرت هذه الدراسة ليس فقط أن مشاهدة وودي وودبيكر Woody Woodpecker يمكن أن يزيد من تبني الأطفال لحلول عدوانية لمشاكلهم وإنما أيضا أن تعليمات ترويج المشاعر والتعاطف تتدخل في هذه الآثار. وثانيا، لقد تم توزيع أولاد في الصف السادس عشوائيا على واحدة من المجموعات: 1- مجموعة غير توسطية شاهدت الرسوم المتحركة بدون تعليمات؛2- مجموعة توسطية سئلت قبل المشاهدة أن تتذكر مشاعر الرجل في الرسوم المتحركة (وهذا كان الجراح الشحرة الذي كان هدفا لهجمات وودي Woody )؛ 3- محموعة ضابطة التي لم تشاهد أي رسوم متحركة. وجاء النتيحة متطابقة مع نتائج مثل هذه الدراسات، لقد سجل الأطفال الذين شاهدوا الرسوم المتحركة العنيفة دون تعليمات أو ضوابط، نزعات وميول للعنف أعلى من أولئك الذين كانوا ضمن الضوابط. لقد أشاروا إلى عبارات تقول بأن القتال وسيلة جيدة للحصول على ما تريد. ولكن الأطفال الذين سئلوا بأن يأخذوا في اعتبارهم مشاعر الضحية لم يظهروا ازديادا في ميول النزوع إلى العنف. وكتأثير جانبي ، كان التدخل للترويج التدخل العاطفي قلل من الدرجة التي وجد الأطفال فيهاالرسوم المتحركة ممتعة ومسلية. وخلاصة ذلك أن العنف في وسائل الإعلام له آثاره الضارة وغير الصحية على الأطفال والمراهقين. ومع أن العنف سيظل وسيستمر مكونا رئيسا في البيئة الإعلامية، علينا أن نستمر في الاحتجاج وإعلاء الصوت ضد هذه البيئة الإعلامية وخصوصا عندما يتم تقديم عروض وبرامج ذات مضامين عنيفة حيث يحتمل أن يشاهدها الأطفال وعندما يتم أيضا تسويق برامج وعروض غير ملائمة لأطفالنا وصغارنا. ومع أن الصناعات الترفيهية معنية بالأرباح والمكاسب، إلا أنهم يتجاوبون في بعض الأحيان للانتقادات والاحتجاجات الواسعة والكبيرة وكذلك رعاة البرامج ومحطات التلفاز المحلية تفضل تجنب الانتقاد الشعبي العام. وبعيدا عن الشكوى من ممارسات وسائل الإعلام ، يستطيع الباحثون والمؤيدون لصحة الأطفال الاجتماعية والنفسية التقليل من التأثيرات السلبية للعنف في وسائل الإعلام بتقديم تعليم أفضل حول آثار الإعلام وتطوير وترويج طرق تصنيف وفلترة مفيدة وكذلك البحث عن استراتيجيات تدخل ناجعة مرتكزة على نتائج الأبحاث والدراسات. ونحتاج أيضا إلى محو الأمية عن وسائل الإعلام وتوسيع التعليم لأطفالنا ويتضمن مساعدتهم أن يفكروا فيما يشاهدونه ويزنوه في أذهانهم ونزودهم بطرق ووسائل تقويم البرامح التي يشاهدونها ونشجعهم على التحليل النقدي لاختياراتهم في وسائل الإعلام..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق